في عالم التنس، نسمع كثيرًا عن تسميات مثل US Open أو French Open.
لكن ما قصة هذه “الـ Open”؟ متى بدأ هذا التقليد؟ ولماذا يُعتبر عام 1968 نقطة تحوّل كبرى في تاريخ اللعبة؟
لكي نفهم، نحتاج أن نعود بالزمن إلى حقبةٍ كان فيها التنس لعبة طبقية بامتياز.
⸻
التنس قبل 1968: لعبة النخبة و”الأخلاق الهاوية”

في ذلك الزمن، كانت رياضة التنس تُمثّل واجهة للطبقة البرجوازية، خاصة في أوروبا الغربية وبريطانيا.
كانت البطولات الكبرى – مثل ويمبلدون ورولان غاروس – مفتوحة فقط للاعبين “الهواة”، أي من لا يتقاضون أجرًا على مشاركاتهم.
لكن “الهواية” لم تكن دائمًا بريئة:
- كان بعض اللاعبين الهواة يحصلون سرًا على مكافآت تُعرف باسم “الهدايا”.
- أما اللاعبون المحترفون، فكان يُمنع عليهم دخول هذه البطولات بالكامل.
- في المقابل، ظهرت بطولات خاصة بالمحترفين تُقام بعيدًا عن الأضواء، رغم أن مستواها كان أعلى من مستوى الهواة.
نتيجةً لذلك، نشأ نظام غير عادل، قائم على النفاق الطبقي.
تخيّل أن يكون اللاعب الأفضل في العالم، لكنه يُمنع من اللعب في ويمبلدون لمجرد أنه “يكسب رزقه من التنس”.
⸻
العصر المفتوح: ثورة بدأت من فرنسا

في عام 1968، وبفعل التحولات الاجتماعية والثقافية العميقة التي اجتاحت أوروبا وأمريكا، قرر الاتحاد الفرنسي للتنس فتح بطولة رولان غاروس أمام الجميع – هواةً ومحترفين.
وهكذا، وُلد مصطلح “Open” – أي البطولات المفتوحة للجميع.
لاحقًا، تبعتها البطولات الكبرى الثلاث الأخرى: ويمبلدون، أمريكا، وأستراليا.
ومنذ ذلك الحين، دخلنا رسميًا العصر المفتوح أو ما يُعرف بـ Open Era.
⸻
ماذا تغير في العصر المفتوح؟
1. توحيد النخبة
لأول مرة، أصبح بإمكان أفضل اللاعبين في العالم التنافس سويًا.
هذا أدّى إلى:
- رفع مستوى اللعب ليُصبح أكثر قوّة وتنافسية.
- زيادة شعبية الرياضة، إذ أصبح الجمهور يرى الأفضل فعلاً.
- توسّع التغطية الإعلامية، مع دخول التلفزيون بقوة وتحوّل البطولات إلى منتج عالمي.
2. بداية الاحتراف الحقيقي
- في عام 1972، تم تأسيس اتحاد اللاعبين المحترفين (ATP).
- ظهرت سلسلة بطولات عالمية بجدول منتظم وجوائز مالية.
- دخلت الشركات الراعية والإعلانات، فتوسّع اقتصاد التنس بشكل كبير.
3. تحولات في التسميات
مع العصر المفتوح، أضافت العديد من البطولات كلمة “Open” إلى اسمها:

البطولة قبل 1968 بعد 1968
| البطولة | قبل 1968 | بعد 1968 |
| رولان غاروس | Championnats de France | French Open (Roland Garros) |
| أمريكا | US National Championship | US Open |
| أستراليا | Australasian Championships | Australian Open |
أما ويمبلدون، فقد احتفظ باسمه التقليدي:
The Championships, Wimbledon – لأنه يرى نفسه “أكبر من مجرد تسمية”، وفضل الحفاظ على هيبته التاريخية.
الأبطال الجدد للعصر المفتوح
هذا العصر أعطانا أساطير ما كانت لتظهر في ظل نظام الهواية:
- بيورن بورغ: أول من جمع بين رولان غاروس وويمبلدون.
- جون ماكنرو وجيمي كونرز: أيقونات الثمانينات الأمريكية.
- بيت سامبراس وآندريه أغاسي: رموز التسويق والانفتاح في التسعينات.
- فيدرر، نادال، ديوكوفيتش: ثلاثي العظمة الذي وُلد وتطوّر بالكامل في ظل العصر المفتوح، واستفاد من التكنولوجيا والدعم الطبي والاحتراف الكامل.



أكثر من مجرّد تعديل قانوني… إنها ثورة ثقافية
العصر المفتوح لم يكن مجرد قرار تنظيمي.
بل كان:
- كسرًا واضحًا لاحتكار الطبقة الأرستقراطية للرياضة.
- إدماجًا للقيم الليبرالية الحديثة: الاستحقاق، التنافس، والمال مقابل الجهد.
- تمهيدًا لرياضة أكثر شمولًا، مع ظهور أبطال من خارج الدوائر الأوروبية الكلاسيكية.
⸻
سؤال أخير: هل انتهى العصر المفتوح؟
يعتقد البعض أننا نعيش اليوم في عصر “ما بعد الاحتراف”، حيث:
- أصبح اللاعب أكثر من مجرد رياضي، بل علامة تجارية كاملة.
- وتدخلت التكنولوجيا وتحليل البيانات في كل تفصيلة.
- وأصبحت الشخصية الإعلامية جزءًا من اللعبة بحد ذاتها.
لكن، رغم كل ذلك، يبقى عام 1968 لحظة فارقة لا تُنسى…
لحظة أصبح فيها التنس أخيرًا “مفتوحًا للجميع”.
✍️
The Inner Court
“نكتب لنفهم اللعبة… ونفهم الزمن الذي تُلعب فيه.”