كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي وجه التنس؟
في عام 1968، تغير تاريخ التنس إلى الأبد. لأول مرة، سُمح للمحترفين والهواة بالتنافس في البطولات الكبرى، لتُولد بذلك حقبة جديدة: العصر المفتوح (Open Era).
لكن اليوم، وبينما نتابع مباريات مليئة بالإثارة، قد لا ننتبه إلى أن اللعبة نفسها تمرّ بتحول جديد…
تحول ربما سيُطلق عليه لاحقًا اسم: عصر ما بعد الاحتراف.
ما هو “عصر ما بعد الاحتراف”؟

إنه زمن لم تعد فيه المهارة وحدها كافية.
بل باتت المعرفة، والبيانات، والتقنيات المتطورة، أدوات حاسمة للنجاح.
اللاعب الناجح اليوم ليس فقط من يتدرب بذكاء، بل من يقرأ المباراة رقميًا، ويتحرك بناءً على تحليلات واقعية تتجاوز الحدس.
1. اللاعب الذي يلعب مع “خوارزمية”
لم يعد الفريق المساعد يضم مدربًا تقنيًا ومدرب لياقة فحسب، بل خبير بيانات وتحليل فيديو.
أمثلة حقيقية من لاعبي النخبة:
نوفاك ديوكوفيتش

يُعدّ من أوائل من دمجوا تحليل الفيديو والبيانات بشكل ممنهج.
فريقه يستخدم أنظمة مثل SAP Tennis Analytics وDartfish لتحليل:
• توزيع الإرسال في اللحظات الحرجة.
• نمط تحرك الخصوم.
• احتمالية النجاح عند اختيار خط معين في التبادلات الطويلة.
دانييل ميدفيديف

فريقه معروف باستخدام قاعدة بيانات دقيقة لكل مباراة يخوضها.
يُتابعون معدل ضرباته من الخلف، أماكن السقوط المتكرر للكرة، وأسلوب التغطية الدفاعية.
ساعده هذا في تطوير طريقة تموضعه الشهيرة على الخط الخلفي.
جون إيسنر

اعتمد على تحليل بيانات Hawk-Eye لاكتشاف أن ضرب الإرسال إلى الزاوية الخارجية يعطيه نقاطًا أكثر ضد لاعبين طوال القامة. فعدّل نمط الإرسال خصيصًا ضدهم.
2. الذكاء الاصطناعي في خدمة التخطيط
في بطولات مثل أستراليا المفتوحة، تعتمد الفرق على أدوات مثل:
• أداة IBM Watson AI تُستخدم لتحديد “لحظة التحول” في المباراة.

• أما SwingVision، فتركّز على تحليل التمارين وتحديد مكان الخطأ بدقة.

• وتُعد TennisViz من الأدوات البارزة لفهم الجهد البدني والتكتيكي، مثل توقيت تغيير الإيقاع.

3. ألكاراز: اللاعب الغريزي المُدعّم بالبيانات
رغم ظهوره كلعب “غريزي”، فإن فريق كارلوس ألكاراز يعمل بكثافة على تحليل البيانات:
• حساب دقيق لاستهلاك الجهد في الجولات.
• تحليل توقيت تسارع الإيقاع.
• الربط بين المزاج العام للاعب وبين قراراته التكتيكية داخل المباراة.
مثال تطبيقي: تحليل إرسال فيدرر بالذكاء الاصطناعي
شرح الفيديو:
يستخدم هذا الفيديو تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل إرسال فيدرر، موضحًا:
- زاوية التوجيه.
- سرعة الكرة.
- نقطة التماس بين الكرة والمضرب.
كيف تستفيد كمشاهد؟
• راقب كيف يتم تفكيك حركة معقدة إلى عناصر علمية قابلة للقياس.
• تأمل كيف تُحوَّل هذه البيانات إلى توصيات تكتيكية.
• لاحظ كيف تُستخدم هذه المعطيات لتصميم تمارين مخصصة للاعب.
إلى أين نحن ذاهبون؟
• لاعبين سيملكون لوحات تحكم رقمية ترافقهم يوميًا.
• قرارات داخل المباراة ستُبنى على إشارات بيومترية وتحليلات فورية.
• التكنولوجيا قد تفتح نقاشات أخلاقية:
هل سيبقى اللاعب هو من يلعب؟ أم الجهاز؟
هل انتهى العصر المفتوح؟
رغم أن العصر المفتوح حرر التنس من النخبوية، فإن عصر “ما بعد الاحتراف” يطرح تساؤلات جديدة:
• هل ما زال التنس فنًا خالصًا كما كان؟
• أم أننا أمام علم تديره الخوارزميات؟
• وهل يمكننا وضع حدود واضحة بين الذكاء الطبيعي والاصطناعي داخل الملاعب؟
لكن ما لا خلاف عليه، هو أن عام 1968 سيبقى لحظة مفصلية لا تُنسى…
لحظة أصبح فيها التنس “مفتوحًا” للجميع.
أما اليوم، فهو على وشك أن يصبح “ذكيًا” بما يكفي… ليكون أكبر من مجرد لعبة.
The Inner Court
“حين تتحول كل نقطة إلى معلومة… يصبح الذكاء أهم من السرعة.”